ما هي شبكة الإيثريوم ؟ وكيف تختلف عن البيتكوين؟
ما هي شبكة الإيثريوم
ما هي شبكة الإيثريوم عند الحديث عن العملات المشفّرة أو تقنية البلوكتشين أمام مجموعة من الأشخاص العاديين، الذين يمتلكون معرفة بسيطة في هذا المجال، فإن أول ما سيخطر بأذهان الجميع هو “البيتكوين”، ثم “إيثيريوم”، ليبدأ بعد ذلك جدلٌ حادّ على الأرجح، للمقارنة بين هاتين العملتين (أو الشبكتين على نحوٍ أكثر دقّة)، من ثم تبدأ الأسئلة حول الخيار الأفضل والأكثر أمناً بينهما، في حين يعتبرهما البعض شيئاً واحداً، أو يعتبر إحداهما نتيجة تطور الأخرى.
بيتكوين وإيثريوم.. مقارنة غير عادلة
في الحقيقة، لا يمكن المقارنة بين البيتكوين والإيثيريوم، كما هو الحال في انه لا يمكننا المقارنة بين النمر في البراري، والقرش في الماء، فهل يمكن للنمر التغلب على القرش في الماء؟ أم يمكن للقرش هزيمة النمر على اليابسة؟ لا شكّ بأن كلاً منهما متفوّق في بيئته، ولكنه خُلق لبيئة محدّدة، أو لهدفٍ محدد!
أُنشِئت عملة “بيتكوين” الافتراضية، بواسطة مبرمج أو مجموعة مبرمجين مجهولي الهوية، يطلقون على أنفسهم اسم “ساتوشي ناكاموتو”، وصُممت لتعمل كنظام دفعٍ إلكتروني لامركزي، بآلية الندّ للندّ P2P، أي شخص لشخص بعيداً عن سيطرة البنوك والحكومات والجهات الرقابية، وذلك في أعقاب الأزمة المالية الكبرى التي عصفت بالعالم في عام 2008.
إن عنوان الورقة البيضاء الخاصة بشبكة بيتكوين يوضح الهدف الذي سعوا إلى إنشائه بأنه: “نظام دفع إلكتروني بنظام الندّ للندّ”.
إذاً، تم تصميم البيتكوين وفق قواعد محددة وصارمة، بمعايير أمنية مشدّدة للغاية، وبلغة برمجية محدّدة، لتعمل كعملة مشفّرة ونظام دفعٍ إلكتروني فقط، لا شيء أكثر من ذلك، إلا أن نجاح نموذج البيتكوين كعملة مشفّرة، لفت الأنظار للإمكانات الهائلة لتقنية البلوكتشين، وأدرك البعض أن بإمكانهم تنفيذ أفكار مشابهة، لكن، لأهداف وتطبيقات أوسع بكثير، منهم “فيتاليك بوتيرين“، مؤسس منصة إيثيريوم وعرّابها.

ما هي شبكة الإيثريوم .. بداية القصة
لمعت الفكرة الأولى حول إيثيريوم برأس فيتاليك بوتيرين عام 2013، وهو مبرمج شابّ متحمس للبيتكوين، كان السؤال المطروح هو: هل يجب بناء المنصة الجديدة على أساس شبكة بيتكوين نفسها؟ أم يتوجب بناء شبكة بلوكتشين جديدة من الصفر؟
تم التوجه نحو الخيار الثاني، لأن الاعتماد على البيتكوين سيفرض قيوداً وتشديدات كثيرة تناسب البيتكوين بالطبع، لكنها لن تخدم أهداف إيثيريوم، وفي النهاية، أطلق بوتيرين الورقة البيضاء الخاصة بمشروعه في شهر ديسمبر من العام نفسه، وعرّف عنه كشبكة بلوكتشين عامة “كاملة حسب تورنغ” Turing Complete، ثم انضم مؤسس آخر لبوتيرين فيما بعد، هو الدكتور جافين وود، ليصبح شريكاً مؤسساً، ومديراً تقنياً CTO.
عمل الشريكان بوتيرين ووود على مدى عامين، لبناء فكرة مشروعهما وتطويرها وتعديلها، وفي شهر يوليو عام 2015، تم تعدين الكتلة الأولى في بلوكتشين إيثيريوم، وولد “حاسوب العالم”، ومن المُخطط له أن تمرّ شبكة إيثيريوم بأربعة مراحل تطوّر أساسية وفق جدول زمني مُحدد.
قواسم مشتركة واختلافات جوهرية
تتقاطع إيثيريوم مع بيتكوين في العديد من السمات الأساسية، فهي أيضاً شبكة بلوكتشين مفتوحة لامركزية، تعمل وفق نظام الندّ للندّ P2P، وتعتمد على خوارزمية إجماع إثبات العمل PoW – حتى الآن على الأقل- بالإضافة إلى العديد من العناصر المشتركة في بنية الشبكة بحدّ ذاتها وآلية عملها، إلا أن ما يجعل إيثيريوم مختلفة بشكلٍ جذريّ عن بيتكوين، هو أهدافها بشكلٍ أساسي، وبعض التفاصيل البنيوية.
صُممت شبكة إيثيريوم لتكون بنية حاسوبية لامركزية، عالمية ومفتوحة المصدر، وقابلة للبرمجة، أي أنه قد تمت برمجتها لتسمح للمبرمجين بدورهم بإنشاء برامجهم (أو تطبيقاتهم) اللامركزية الخاصة، وهي برامج ذاتية التنفيذ يطلق عليها “العقود الذكية” Smart Contracts، وذلك باستخدام تقنية البلوكتشين، وعملة مشفّرة خاصة بالمنصة، هي عملة إيثيريوم أو Ether، وعلى الرغم من امتلاك منصة إيثيريوم أيضاً لعملتها المشفّرة الخاصة، إيثر، إلا أنها على عكس البيتكوين، ليست الغاية، بل مجرد وسيلة لتمكين المستخدمين من تشغيل الشبكة.
اكتمال تورنغ Turing Completeness
لا تكاد تذكر شبكة إيثيريوم، إلا ويتم التأكيد على كونها “كاملة حسب تورنغ” Turing complete، فما المقصود بهذه الميزة؟ ولماذا تكتسب كل هذه الأهمية؟
حتى نجيب عن هذا السؤال، دعونا نعود إلى عام 1936، وهو العام الذي ابتكر فيه عالم الرياضيات البريطاني آلان تورنغ جهازاً افتراضياً قادراً على حلّ أي مسألة حسابية، شريطة توفّر الوقت اللازم والذاكرة الكافية.
بعيداً عن الخوض في تفاصيل هذه الآلة، أصبحت صفة “اكتمال تورنغ” تُطلق على أية آلة أو جهاز قادر على العمل بنفس طريقة جهاز تورنغ، فالآلة الحاسبة البسيطة مثلاً، لا تستطيع حل جميع المسائل أو الخوارزميات الرياضية، فهي آلة غير كاملة حسب تورنغ، في حين أن معظم لغات البرمجة الحالية تعتبر كاملة حسب تورنغ.
بالعودة إلى حديثنا عن إيثيريوم وبيتكوين، فإن بيتكوين لا تعتبر كاملة حسب تورنغ، لأنها مصممة لحل خوارزميات ومشاكل محدّدة، تخدم الهدف الأساسي لشبكة بيتكوين، في حين أن إيثيريوم هي شبكة بلوكتشين كاملة حسب تورنغ، فهي قادرة على حل أي مسألة حسابية بمجرد توفّر المعطيات الكافية، وبشكل تكراريّ وآلي فيما يُطلق عليه اسم “الحلقات” Loops، يتم حلّ هذه الخوارزميات بواسطة آلات إيثيريوم الافتراضية EVM، عبر استهلاك رسوم الغاز Gas fees، لتنفيذ العقود الذكية، وتشغيل التطبيقات اللامركزية DApps.

الأمن مقابل المرونة
صُممت شبكة بيتكوين مع وضع نقطة أساسية تؤخذ في عين الاعتبار، هي الأمان، باعتبارها شبكة دفع إلكتروني لا مركزية، وحرص المصممون على تتبع وتسجيل كل تحويلة، ووضعوا معايير إجماع صارمة جداً، بحيث يستحيل عملياً تعديل أي كتلة بيانات سابقة أو التلاعب بها، أي أنهم صبّوا تركيزهم على الماضي، وجعلوا الشبكة غير قابلة للتعديل، بل يعتبرها البعض سجل البيانات الأكثر أمناً ومقاومة للتلاعب في التاريخ.
بالنسبة لإيثيريوم، الأمر مختلفٌ قليلاً، فالنقطة الجوهرية كانت تتمثل في “المرونة”، وتُرك المجال مفتوحاً للابتكار والتطوير والتعديل في أي لحظة عند الضرورة، وبالمقارنة مع بيتكوين، ركّز مصممو إيثيريوم على المستقبل بدلاً من الماضي، وعلى المرونة أكثر من الأمن.
ينظر البعض لهذه النقطة بعين الارتياب، ويعتبرون إيثيريوم شبكة غير مستقرّة، وهذا صحيح إلى حدٍ ما، لكن يجب أن نتذكر بأن إيثيريوم ما تزال في مرحلة التطوير، ولم تصل إلى شكلها النهائي حتى الآن، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إيثيريوم مصممة لهدف مختلف عن بيتكوين، فهي ليست شبكة دفع إلكتروني، إنما منصّة تم تطويرها لتعطي المساحة للمطورين بدورهم لإنشاء عقودهم الذكية وتطبيقاتهم اللامركزية.
من ناحية أخرى، تتسم البيتكوين بسياسة مالية ونقدية ثابتة ومستقرة ومتوقّعة، إذ يتم إصدار عملات جديدة بوتيرة ثابتة ومتناقصة تدريجياً حتى الوصول إلى إصدار 21 مليون عملة، وهو المعروض النقدي الأعظمي للبيتكوين، في حين تتسم السياسة المالية للإيثيريوم بالتقلبّ والتغيّر المستمر، وهو ما يتوافق مع الطبيعة المرنة للشبكة بمجملها.
الخلاصة
لا ينتهي الجدل القائم في مجتمع العملات المشفّرة حول المقارنة بين بيتكوين وإيثيريوم، لكن البعض يعتبرها مقارنة غير منطقية وغير عادلة، لأن كلًا من الشبكتين صُممتا لأهدافٍ مختلفة، ففي حين صممت بيتكوين لتكون عملة مشفّرة ومنصة دفع إلكترونية لا مركزية، أُنشئت إيثيريوم لتكون منصة برمجة وتطوير للعقود الذكية والتطبيقات اللامركزية، وفي حين تولي بيتكوين الأهمية الكبرى لعامل الأمان والسلامة، تتفوق إيثيريوم بمرونتها، وتعدد أهدافها، وقابليتها للتغيّر والتطوّر المستمر.
ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم ما هي شبكة الإيثريوم
